
قاض بارز ينتقد قانون المسطرة الجنائية: “خرق لاستقلال القضاء وتراجع عن روح الدستور”
محمد الهروالي – هبة بريس
في قراءة نقدية وازنة لمشروع قانون المسطرة الجنائية، كشف القاضي عبد العالي المصباحي، رئيس رابطة قضاة المغرب وباحث في الشأن القانوني، عن مجموعة من الثغرات التي اعتبرها “تراجعا عن مبادئ العدالة ومساساً باستقلال السلطة القضائية”، داعياً إلى إدخال بعض التعديلات لصيغة المشروع قبل اعتماده.
وفي وثيقة تفصيلية تتجاوز 40 صفحة، تناول المصباحي مشروع المسطرة من زوايا نظر ميدانية وقضائية بحتة، مسلطاً الضوء على ما وصفه بـ”التناقضات القانونية، والتراجعات عن المكتسبات الدستورية”، معتبراً أن المسودة “أفرغت بعض المقتضيات من مضمونها الدستوري والحقوقي، وأبقت على صلاحيات لا تليق بدولة المؤسسات”.
ثغرات دستورية وتضييق على الحريات
أبرز ما انتقده القاضي المصباحي هو استمرار وزارة العدل في الإشراف على آليات تنفيذ العقوبة، كما هو الشأن بالنسبة ل “الإفراج المقيد”، ومراقبة تقارير زيارة السجون المحررة من طرف قاضي تنفيذ العقوبات والتي بقيت بيد الوزير ، رغم صدور قانون 17/33 الذي حول كل اختصاصاته إلى رئيس النيابة العامة، ما اعتبره القاضي “خرقاً لاستقلال القضاء”.
كما سجل رفضاً شديداً لإقحام النيابة العامة في مهام إدارية وتنفيذية ليست من اختصاصها، مثل طلب إدماج العقوبات أو رفع تقارير غير قضائية، وهو ما “يضرب في العمق فصل السلط وتوازنها”.
وعن الحق في الدفاع، فقد نبه المصباحي إلى ما وصفه بـ”التضييق الخطير” على دور المحامي أثناء التحقيق، من خلال تقييد تدخله في توجيه الأسئلة أو إبداء الملاحظات، حتى بعد الاستنطاق التفصيلي، وهو ما يخالف مبدأ ضمانات المحاكمة العادلة كما نص عليه الدستور والمواثيق الدولية.
غياب الانسجام القانوني وغموض المفاهيم
ومن بين الملاحظات المثارة، التناقض بين نصوص مشروع المسطرة وقوانين أخرى، مثل قانون الصحافة وقانون العقوبات البديلة، وعدم وضوح مفاهيم جوهرية كعبارة “التخلي عن الدعوى” أو “الإشعار”، التي يمكن تأويلها بعدة معانٍ قانونية.
كما انتقد الصياغة اللغوية للمشروع، معتبراً أنها تتسم بـ”الإطناب الذي يفتح باب القراءات المتعددة لنفس المادة، وتغييب العارضتين للجمل التوضيحية، وعدم استعمال المبني للمجهول “، مما يضعف الفهم القانوني ويخلق إرباكاً في التطبيق.
دعوة لإشراك القضاة واحترام روح الدستور
وفي ختام قراءته، دعا القاضي المصباحي إلى “فتح ورش تشاركي حقيقي” يضم القضاة والمحامين والجمعيات الحقوقية كقوى اقتراحية وتشاركية لصياغة مشروع قانون يعكس تطلعات دولة الحق والقانون، مشدداً على أن “التشريع لا يمكن أن يتم من زاوية واحدة، بل يجب أن ينبني على معطيات واقعية وملاحظات نابعة من الممارسة وتجارب الميدان”.
وأضاف أن “كل قانون جنائي يجب أن يُبنى على منطق العدالة لا منطق الزجر فقط، وعلى مبادئ الدستور ومنطق التراتبية”، مطالباً بحذف المواد التي تجاوزها الزمن، وإعادة النظر في أخرى تُفرغ مبدأ استقلال القضاء من محتواه.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X