أصبحوا سلاحا سياسيا.. تصاعد الاعتداءات العنصرية ضد المهاجرين الأفارقة في الجزائر

هبة بريس

في ظل تصاعد مثير للقلق لمظاهر الكراهية والتمييز في الجزائر، أثارت مقاطع مصورة تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي موجة عارمة من السخط، لما تضمنته من مشاهد عنصرية صادمة طالت مهاجرين أفارقة، لا سيما من مالي، بالتزامن مع توتر دبلوماسي متزايد بين البلدين.

اعتداءات مهينة

وتوثق الفيديوهات اعتداءات مهينة وعبارات تحقير موجهة لأشخاص من ذوي البشرة السمراء، ما فجّر حالة من الغضب في الداخل والخارج، كاشفًا عن الهوة بين الشعارات الرسمية والواقع الميداني في بلد يُقدَّم على أنه قوة إقليمية.

والتقطت واحدة من أكثر اللقطات إثارة للغضب في العاصمة الجزائرية، وتُظهر مشهداً مروّعاً يعرض فيه شخص طفلين من أصول إفريقية للبيع مقابل مبلغ رمزي لا يتجاوز 10 دنانير، في دلالة فاضحة على الانحدار الأخلاقي والعنصرية المتفشية.

وفي مقطع آخر، وجّه مواطن جزائري شتائم عنصرية لمهاجر من مالي، مطالبًا إياه بمغادرة البلاد.

سياق سياسي متوتر

ولم تأتِ هذه الحوادث بمعزل عن سياق سياسي متوتر، إذ يرى متابعون أن السلطات الجزائرية تستغل ملف المهاجرين كورقة ضغط في مواجهاتها مع بعض دول الساحل، وعلى رأسها مالي التي عبّرت مؤخرًا عن رفضها للوصاية الجزائرية، وأعلنت انسحابها من “اتفاق السلام” الذي كانت الجزائر ترعاه منذ سنوات.

وفي موازاة هذا التصعيد، شنت السلطات حملة ترحيل واسعة طالت الآلاف من المهاجرين الماليين، حيث نُفذت مداهمات واعتقالات في صفوفهم، قبل أن يُنقلوا إلى معسكر أقيم بشكل مؤقت قرب حدود النيجر، في أوضاع وصفتها منظمات حقوقية بالبائسة.

ووصفت هذه المنظمات تلك الإجراءات بأنها ردود انتقامية على الموقف المالي الأخير.

كما رافقت هذه الحملة الرسمية موجة من الخطاب العنصري عبر الإنترنت، شملت دعوات لطرد المهاجرين وتطهير البلاد منهم، وانتشرت مقاطع لحافلات تقل مهاجرين نحو مناطق صحراوية معزولة، وسط صمت رسمي لافت.

اختفاء مفاجئ

ورغم التصريحات الرسمية التي تحدثت عن “إجراءات وقائية”، إلا أن التقارير الإعلامية كشفت عن اختفاء مفاجئ للعديد من المهاجرين، خاصة الأطفال، وتراجع ظهور العمال في مواقع البناء، وانسحاب النساء الإفريقيات من الفضاءات العامة.

وأضافت التقارير أن السلطات نقلت المئات إلى مراكز وُصفت بأنها مخصصة للرعاية، غير أن نشطاء حقوقيين يعتبرونها مجرد واجهات لمراكز احتجاز تمهيدًا لترحيل قسري.

ولن تستبعد منظمات حقوق الإنسان أن تكون هذه الحملة جزءًا من خطة أوسع تستخدمها الجزائر كوسيلة ضغط سياسي على دول الجوار، خصوصًا بعدما اتهمت باماكو الجزائر بإسقاط طائرة مسيرة داخل أراضيها، في حادثة عمّقت التوتر بين الطرفين.

الأفعال العنصرية

وفي أجواء كهذه، لا تبدو الأفعال العنصرية مجرد حالات فردية، بل انعكاسًا لخطاب سياسي يشكك في وجود المهاجرين ويحوّلهم إلى شماعة جاهزة لكل أزمة.
كما أن تداول فيديوهات تظهر مواطنين يتباهون بإطعام مهاجرين بقايا الطعام، يعكس توجّهًا خطيرًا نحو إذلال جماعي قد يتحول إلى نمط منظم للعنف.

وفي خضم هذه العاصفة، يظل المهاجرون القادمون من بلدان الساحل في مرمى التهميش والتجريم، محرومين من أبسط الحقوق، وواقعين بين مطرقة نظام يوظفهم داخليًا كأعداء مفترضين، وسندان حكومات إفريقية بدأت ترفض الدور الجزائري في المنطقة.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى